قوانين كرة القدم خلال كأس العالم

ستشهد بطولات الدوري الأوروبية الخمس الكبرى تطبيق تعديلات أضيفت حديثاً على قوانين كرة القدم. ففي شهر يونيو/حزيران الماضي أقرّ المجلس الدولي لكرة القدم “إيفاب” (IFAB)، الذي هو الجهة المسؤولة عن قوانين اللعبة وتعديلاتها، خلال اجتماعه في العاصمة القطرية، سلسلة من التعديلات التي سيبدأ تطبيقها في موسم 2022/2023 في جميع البطولات المحلية والدولية، وبالطبع في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر.

الجدير بالذكر أن المجلس الدولي لكرة القدم “إيفاب” هو المسؤول عن تغيير وتعديل قوانين كرة القدم، وليس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” (FIFA). ولا يمتلك “فيفا” سوى صوت واحد من ستة أصوات في التصويت على قرارات “إيفاب”.

تعديلات قوانين كرة القدم الجديدة

التعديل الأول والأهم الذي تم إقراره هو السماح لكل فريق بخمسة تبديلات خلال المباراة الواحدة بدلاً من ثلاثة. ونذكر هنا  أن تطبيق هذا التعديل قد بدأ بشكل مؤقت منذ العام 2020 بسبب الجائحة، لكنه الآن سيصبح نافذاً بشكل دائم. وترك المجلس الدولي لكرة القدم الصلاحية لاتحادات الكرة المشرفة على تنظيم البطولات المحلية خيار تنفيذ هذا التعديل أو عدم تنفيذه. وكانت بعض الاتحادات الأوروبية، ومنها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، قد طبقت هذا الأمر لفترة مؤقتة في العام 2020 ثم عادت وتراجعت، لكنها الآن ستعود إلى تنفيذه في بطولاتها المحلية.

أما التعديل الثاني، فهو ليس تعديلاً بالمعنى الحقيقي، بل تأكيد على القانون القديم الذي يفرض على حارس المرمى البقاء بين الخشبات الثلاث دون أن يتجاوز خط المرمى خلال تنفيذ ركلات الجزاء أو ركلات الترجيح. ولا يُسمح له بالتحرك إلا جانبياً على طول الخط دون التقدم إلى أن يتم تنفيذ الضربة.

إضافة إلى ذلك قرر مجلس “إيفاب” تجربة الاقتراح الذي قدّمه أرسين فينغر، مدير التطوير في اتحاد الفيفا، والذي يقضي بإمكانية تنفيذ ركلة تماس بالقدم بدلاً من رمية تماس باليد بعد أن تتخطى الكرة خط الملعب من الجانبين. يُذكر أن هذا الاقتراح ليس جديداً، بل هو قديم جداً ومطروح منذ أكثر من عشرين سنة.

ما هو روبوت رجل الخط؟

رجل الخط أو حكم التماس، هو اسم اعطي سابقاً للحكم المساعد على جانب الملعب، الذي كانت وظيفته الأساسية ضبط التسلل خلال المباراة فقط. لكن في العام 1994 زادت مهامه واتسعت صلاحياته لتشمل قرارت أكثر خلال المباراة، حتى وصلت إلى طلب الحكم الأساسي لرأيه لاحتساب ركلات الجزاء. لكن التعديلات الجديدة في قوانين كرة القدم تشمل استبدال رجل الخط بجهاز روبوت، يسمّى “روبوت رجل الخط”، وهو مجهز بكاميرات متطورة وبجهاز كمبيوتر ليقوم بالتقاط الصور ومعالجتها خلال أقل من نصف ثانية، وليعطي القرار النهائي عن وجود تسلل أو عدمه خلال الهجمة. ستكون هذه الطريقة أسرع وأكثر فاعلية بكثير من تقنية حكم الفيديو المساعد أو الـVAR.

أشار رئيس الفيفا في تصريح له إلى أنه سيحرص على أن يتم إدخال نظام “روبوت رجل الخط” خلال نهائيات كأس العالم قطر 2022. ويُذكر أن بعض الصحافة الرياضية قد صرّحت أن تجهيزات الروبوتات في التحكيم خلال نهائيات كأس العالم في قطر 2022 قد اكتملت، وسوف تكون معتمدةً خلال المباريات.

المعروف عن هذا الروبوت، الذي يسمى أيضاً نظام كشف التسلل الآلي، أنه يستخدم عشر كاميرات ذات قدرة تصوير سريعة جداً تعمل على تحديد أماكن اللاعبين بدقة، وليس فقط أجسادهم بل أطرافهم، وتتبع نقاطاً محددة في جسم اللاعبين، وهي قادرة على إعطاء إجابة حاسمة وقرار نهائي حول حالات التسلل المثيرة للجدل في وقت لا يتخطى نصف ثانية. وهذا الجهاز ليس جديداً كما قد يظن البعض، بل إنه وضع قيد التجربة منذ العام 2019 خلال كأس العالم للأندية، وكأس العرب التي أقيمت على أربعة من الملاعب المخصصة في مونديال في قطر، وغيرها من البطولات. 

والمعروف عن حالات التسلل التي تنص عليها المادة 11 من قانون كرة القدم على أن اللاعب يُعتبر في حالة تسلل إذا كان أي جزء من جسده، ما عدا اليدين والذراعين في نصف ملعب الخصم (وليس على خط وسط الملعب نفسه)، وأقرب إلى مرمى الخصم من الكرة واللاعب قبل الأخير من لاعبي الخصم (يكون اللاعب الأخير عادة حارس المرمى، لكن ليس بالضرورة، فإذا كان أحد اللاعبين خلف الحارس يعتبر هو اللاعب الأخير). لا يُعتبر الوقوع في موقف تسلل تصرّفاً مشيناً، لكن تعطى ضربة حرة غير مباشرة للفريق المنافس عندما يُعتبر اللاعب متسللاً، أي عندما يكون في هذا الموقع عندما يتلقى الكرة من زميله، أو يكون بطريقة ما مشاركاً في اللعبة بشكل فعال، أو يتداخل مع الخصم، أو يحصل على أفضلية بسبب وجوده في هذا الموقع.  

لهذا السبب يتم تثبيت الكاميرات الخاصة بنظام كشف التسلل بموازاة خطي التماس على جانبي الملعب لتصوّر حركة اللاعبين وحركة الكرة، ولتقرر بناءً على تحليلات يقوم بها جهاز الكمبيوتر المدمج في النظام ما إذا كان اللاعب في موقف تسلل أم لا.

قوانين مثيرة للجدل

ومثلما أثارت بعض قوانين كرة القدم التي أقرّت سابقاً الكثير من الجدل، حتى أن بعضها قد تم إلغاؤه والتغاضي عنه، مثل قانون الهدف الذهبي (Golden Goal)، فقد أثارت التعديلات الجديدة موجة من ردود الفعل المؤيدة والمعارضة من الخبراء والمحللين، لكن بجميع الأحوال فإن هذه التعديلات أصبحت في حكم المؤكدة  حتى الآن.

وتوجد الكثير من الاقتراحات القديمة والجديدة المتعلقة بتعديلات أخرى مطروحة. من أهم هذه الاقتراحات ضرورة إعادة النظر بقانون ضربات الترجيح التي تحسم الرابح والخاسر في المباريات التي لا تحتمل التعادل، بعد تمديد المباراة لوقت إضافي. فقد شهد الكثير من المباريات أداءً مذهلاً ومستوى متفوّقاً من بعض الفرق، لتعود وتخسر المباراة بضربات الترجيح حيث يكون الحظ هو صاحب الكلمة الفصل.

ومن القوانين التي يُدرس تعدليها قانون طرد اللاعب نهائياً من المباراة في حال حصوله على بطاقة صفراء. ويُقترح هنا أن يتم توقيق اللاعب خارج أرض الملعب لخمس أو عشر دقائق، يعود بعدها إلى الملعب. كذلك يُتوقع أن يشهد موضوع عدد التبديلات المسموحة في المباراة تعديلاً لاحقاً، ليصبح غير محدود كما في كرة السلة.

الخاتمة

كرة القدم، الساحرة المستديرة معشوقة الملايين واللعبة الأكثر شعبيةً على الإطلاق، ستبقى قواعدها مدار بحث وجدل، وسيخضع الكثير من القوانين التي تديرها للمزيد من التعديل. يختلف الخبراء وأصحاب الرأي في هذا المجال، وهذا أمر طبيعي، لكن يجب أن يبقى المقياس الأساسي الذي تُسنّ وتعدّل على أساسه قوانين كرة القدم جمال اللعبة وجاذبيتها، إضافة إلى ضرورة تحقيق النزاهة والعدالة في نتائج المباريات، وتجنّب الإجحاف الذي تتعرض له بعض الفرق مثلما حصل مراراً في حسم المباريات بضربات الترجيح على سبيل المثال. 

ينبغي اعتبار رأي جمهور كرة القدم والمشجعين عاملاً أساسياً في تقرير مصير اللعبة وتحديثها وتطويرها. ولا شك أن ما تريده جماهير الكرة هو الاستمتاع بلعب جميل ونظيف، وأهداف أكثر، مع المحافظة على كل ما من شأنه إنصاف الفريق الذي يلعب بشكل أفضل، وأن يفوز من يستحقّ الفوز.